قصة “السلحفاة الصغيرة والطائر الحكيم”
في أحد الأيام الجميلة في الغابة، كانت هناك سلحفاة صغيرة تدعى “سوسو”. كانت سوسو بطيئة جداً مقارنة ببقية الحيوانات في الغابة، وكانت تحب أن تتجول بين الأشجار وتستمتع بالهدوء. لكن كان هناك شيء يزعجها؛ كان أصدقاؤها من الحيوانات يضحكون عليها لأنها بطيئة جداً.
ذات يوم، بينما كانت سوسو تمشي ببطء على جانب النهر، رأت طائراً جميلاً يطير فوقها. كان الطائر يُدعى “حكيم”، وكان معروفًا بحكمته ومعرفته بأسرار الطبيعة. توقفت سوسو ونظرت إلى الطائر، وقالت له:
“مرحبًا حكيم! أنا أشعر بالحزن لأنني بطيئة جدًا. الجميع يضحك مني. لماذا لا أستطيع أن أكون سريعة مثل الأرنب أو الغزال؟”
ابتسم الطائر الحكيم وقال: “لا داعي للحزن يا سوسو، فكل كائن في هذه الغابة له مميزاته الخاصة. السر ليس في السرعة، بل في أن تكوني فخورة بما أنتي عليه. دعيني أخبرك قصة صغيرة.”
قالت سوسو: “أريد أن أسمع!”
قال الحكيم: “في أحد الأيام، كان هناك سباق بين الأرنب والسلحفاة. كان الأرنب سريعاً جداً، بينما كانت السلحفاة بطيئة. بدأ السباق، وكان الأرنب يركض بسرعة كبيرة، فظن أنه سيهزم السلحفاة بسهولة. لكنه تعب وأخذ قسطاً من الراحة في منتصف الطريق، بينما استمرت السلحفاة في سيرها ببطء وثبات. وعندما استفاق الأرنب، كانت السلحفاة قد وصلت إلى خط النهاية وفازت بالسباق.”
فكرت سوسو في كلام الحكيم وقالت: “هل تعني أن السر في الاستمرار وعدم الاستسلام؟”
أجاب الحكيم: “بالضبط! إذا كنتِ مستمرة في المحاولة، فإنكِ ستنجحين في النهاية. لا تقارني نفسك بأحد، لأن لكل شخص صفاته الخاصة. وتذكري، لا يوجد شيء مهم أكثر من أن تكوني نفسك.”
شعرت سوسو بالسعادة بعد حديث الحكيم. وقررت أن لا تهتم بضحك الآخرين عليها، بل أن تستمتع بكل لحظة في حياتها. ومع مرور الأيام، أصبحت سوسو تثق بنفسها أكثر وأكثر، وأدركت أن البطء يمكن أن يكون قوة إذا تم استخدامه بحكمة وصبر.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت سوسو صديقة لجميع الحيوانات في الغابة، وعاشت حياة مليئة بالسلام الداخلي والفخر بما هي عليه.
استمرت سوسو في رحلاتها داخل الغابة، ومع مرور الوقت، أصبحت أكثر ثقة بنفسها وأصبحت تروي لأصدقائها قصة السباق بين السلحفاة والأرنب. كلما التقت بحيوان جديد، كانت تشجعه على ألا يتخلى عن حلمه، مهما كان الطريق صعبًا أو طويلًا.
في أحد الأيام، بينما كانت سوسو تستمتع بالمشي بجانب النهر، قابلت أرنبًا صغيرًا اسمه “نونو”. كان نونو يركض بسرعة كبيرة جدًا، لكنه بدا متعبًا للغاية. اقتربت سوسو منه وقالت بابتسامة:
“مرحبًا نونو! أنت سريع جدًا، لكن يبدو أنك متعب. هل تحتاج إلى راحة؟”
أجاب نونو وهو يلهث: “نعم، أنا أركض طوال اليوم ولم أتمكن من الوصول إلى المكان الذي أريده. كلما ركضت أسرع، شعرت أنني أحتاج إلى المزيد من الطاقة.”
قالت سوسو: “أعرف شعورك! كنتُ في السابق أعتقد أن السرعة هي كل شيء، ولكنني تعلمت أنه يمكننا تحقيق أهدافنا إذا حافظنا على التوازن. السر ليس في الركض بسرعة فقط، بل في الاستمرار ببطء وثبات، وتعلم كيف نستمتع بالرحلة.”
نظرت سوسو إلى نونو وقالت: “هل تود أن أريك شيئًا؟ دعنا نذهب معًا إلى أقرب تلة في الغابة، وأتمنى أن تجد هناك ما سيساعدك.”
ذهبوا معًا إلى قمة التلة حيث كان هناك منظر جميل. من هناك، كان بإمكانهم رؤية الغابة بأكملها، وكل شيء بدا صغيرًا جدًا من الأعلى.
قالت سوسو: “انظر يا نونو، كل شيء في هذا المكان له وقته الخاص. الأشجار لا تنمو في يوم واحد، والزهور لا تتفتح في لحظة. كل شيء يحتاج إلى الصبر والاستمرار.”
فكر نونو في كلمات سوسو، وقال: “أنت على حق، ربما لو توقفت لحظة لأخذ قسط من الراحة وركزت على الهدف بدلًا من الركض بسرعة، فسأتمكن من الوصول دون أن أتعب.”
ومنذ ذلك اليوم، قرر نونو أن يوازن بين سرعته وراحته. بدأ يركض ولكنه أيضًا أخذ فترات راحة قصيرة ليتأكد من أنه مستعد للمضي قدمًا. ولم يكن يركز فقط على الوصول إلى هدفه بسرعة، بل على الاستمتاع بكل خطوة في الطريق.
مرت الأيام، وأصبح نونو أكثر هدوءًا وثقة في نفسه، تمامًا كما فعلت سوسو. وأصبحا معًا مثالًا يحتذي به باقي حيوانات الغابة في كيف يمكننا تحقيق أهدافنا ببطء لكن بثبات.
الدرس المستفاد: “النجاح ليس دائمًا في الوصول السريع، بل في الاستمرار بثبات. تعلم كيف توازن بين العمل والراحة، لأن الرحلة نفسها هي ما يجعلنا أقوياء وأفضل.”